سورة الأنفال - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


ذكره عظيم مِنَّتِه عليه حيث خَلَّصَه من أعدائه حين خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة، وهمَّوا بقتله، وحاولوا أن يمكروا به في السِّر، فأعلمه الله ذلك.
والمكرُ إظهارُ الإحسانِ مع قَصْدِ الإساءةِ في السِّر، والمكرُ من الله الجزاءُ على المكر، ويكون المكرُ بهم أَنْ يُلْقِيَ في قلوبهم أنه مُحْسِنٌ إليهم ثم- في التحقيق- يُعذِّبهم، وإذا شَغَلَ قوماً بالدنيا صَرَفَ همومَهم إليها حتى يَنْسَوْا أمر الآخرة، وذلك مكرٌ بهم، إذ يُوظِّنُون نفوسهم عليها، فيتيح لهم من مأمنهِم سوءاً، ويأخذهم بغتةً.
ومن جملة مكره اغترارُ قومٍ بما يرزقهم من الصيت الجميل بين الناس، وإجراءِ كثير من الطعات عليهم، فأسرارهم تكون بالأغيار منوطةً، وهم عن الله غافلون، وعند الناس أنهم مُكْرَمُون، وفي معناه قيل:
وقد حسدوني في قرب داري منكم *** وكم من قريب الدار وهو بعيد


فَرْطُ جهلهم، وشؤم جحدهم سَتَرَ على عقولهم قُبْحَ دعاويهم في القدرة على معارضة القرآن فافتضحوا عند الامتحان بعدم البرهان، والعجز عما وصفوا به أَنفسهم من الفصاحة والبيان، وقديماً قيل:
مَنْ تحلَّى بغير ما هو فيه *** فَضَحَ الامتحان ما يدَّعيه
ويقال لمَّا لاحظوا القرآن بعين الاستصغار حُرِموا بركات الفهم فعدُّوه من جملة أساطير الأولين، وكذلك منْ لا يراعي على حرمة الأولياء، يعَاقَبُ بأَنْ تُسْتَرَ عليه أحوالُهم، فيظنهم مثله في استحقاق مثالبه، فيطلق فيهم لسان الوقيعة، وهو بذلك أَحَقُّ، كما قيل: رَمَتْنِي بدائِها وانْسَلَّتْ.


دَلَّ سؤالهم العذابَ على تصميم عقدهم على تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، واستيقنوا عند أنفسهم بأنه لا يُسْتَجَابُ فيهم ما يدعونه على أنفسهم.
وفي هذا أظهر دليل على أن سكون النفس إلى الشيء ليس بعلم؛ لأنه كما يوجد مع العلم يوجد مع الجهل.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12